تعد سورة البقرة هي أطول سورة في القرآن، وهي ثاني سور القرآن الكريم بعد سورة الفاتحة بحسب ترتيب المصحف العثماني،
وتشمل سورة البقرة العديد من القصص، التي تحمل لنا العديد من العبر والدروس المستفادة من الأمم السابقة،
وكانت إحدي تلك القصص، قصة الملكين هاروت وماروت وقد انزلهما الله اختبارًا للناس ولينهاهم عما ذهبوا إليه من السحر
قصة الملكين هاروت وماروت في سورة البقرة
ترجع قصة الملكين هاروت وماروت إلى زمن نبي الله سليمان وقد انزلهما الله اختبارًا لعباده
وهما من الملائكة ولا يجوز القول أنهم من البشر، وقد أنزلوا بأمر من الله ليعلموا الناس شيئًا يقيهم من الشر
ولم يكن نزولهما إلي الأرض عقابًا لمهما عن ذنب أو معصية لأوامر الله كما فعل إبليس
وقد أجمع العلماء على أن كل من يدعي أنهما من البشر، أو أنهما ملكان وقعا في معصية فمسخهما الله تعالى
فقد تكلم في أمر الغيب بلا علم، وادعى أمرا يتنقص به ملائكة الرحمن المكرمين، واعتقد بما في كتب بني إسرائيل،
بغير شاهد ولا دليل صدق له من الوحي المعصوم، فلا دليل لذلك القول بكتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والقصة أن بني إسرائيل قد انشغلوا بتعلم السحر في ذلك الوقت وتركوا ما جاء به الأنباء من أوامر الله ونواهيه
وقد أنزل الله الملكين هاروت ماروت بأرض ببابل في العراق، وأنزل عليهما السحر ؛ امتحاناً وابتلاءً من الله لعباده، فيعلمانهم السحر،( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى ) حتي ينصحاه، و ( يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) والمقصود بذلك لا تتعلم السحر
فإنه كفر، فينهيانه عن السحر، ويخبرانه عن مرتبته وعقابه عند الله.
ثم ذكر الله لما تعالي مساويء السحر في قوله تعالي: ( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ) مع أن محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما ؛ لأن الله قال في حقهما : ( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً )، وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة، وأنه قد يضر بإذن الله إرادته.
كما ذكر الله لنا أن لا فائدة للسحر سواء كانت دينية أو دنيويه، ولكن بني إسرائيل قد اتبعوا أهوائهم وفضلوا الدنيا على الآخرة
رغم تحذير الله لهم عما ينتظرهم من عقاب، إذا أصروا على ما فعلوا ولم يتوبوا،
ولكنهم لم يمتثلوا لأوامر الله عز وجل وتحذيراته
وقد برأ الله في تلك الآية نبي الله سليمان عليه السلام، مما نسبه له الشياطين من عمله بالسحر وتعليمه للناس،
فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تعلمه الشياطين، والسحر الذي يعلمه الملكان هاروت وماروت،
وقد تركوا علم الأنبياء والمرسلين، وأقبلوا على علم الشياطين.
آية سورة البقرة التي وردت بها قصة هاروت وماروت
قال تعالى :( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) البقرة/ 102 .
تعليقات: 0
إرسال تعليق